التوليب ... الزهرة التي أبكت أوروبا
الزهور وعلى إختلاف أنواعها وألوانها وأشكالها وروائحها فهي تختلف في معانيها أيضاً فلكل زهرة معنى ومناسبة خاصة
فالياسمين مثلاً يرمز إلى الوفاء بينما يرمز السوسن إلى الأعجاب
ويرمز القرنفل إلى الكبرياء
والأقحوان إلى الولاء والإخلاص
وتبقى الزهرة التي تصنف من أروع وأجمل الزهور في العالم التوليب والتي ترمز إلى الحب والأناقة والجمال
ينمو التوليب في المناطق المعتدلة المائلة إلى البرودة، ويتميز بسهولة زراعته وبقدرته على تحمل برد الشتاء القارص.
التوليب من الأزهار المعمّرة، أي أنه يعيش لأكثر من سنتين. يزرع التوليب من الأبصال، تنمو أزهار التوليب في الربيع وأثناء نمو النبات ينمو بجوار البصلة التي أزهرت عدة أبصال أخرى تجمع وتوضع في ثلاجات بدرجات حرارة معينة طوال فصل الصيف حتى تصبح صالحة للزراعة في الخريف.
زهرة التوليب تعيش من 7 الى 10 أيام وبعد قطفها تعيش فترة اطول من بقية الزهور , كما أن التوليب يشمل اغلب الالوان
كلمة توليب مأخوذة من كلمة ( تولبنت ) وهي مشتقة من اللغة التركي وتعني العمامة لأنها تتكون من عدة طبقات من البتلات الملونة تشبه العمامة التي يلفها الرجال في تركيا على رؤوسهم
ولقد انتقلت هذه الأزهار إلى أوروبا منذ 400 سنة من الدولة العثمانية التي اشتهرت بها وانتشرت في أوروبا , لكنها وجدت عناية خاصة بزراعتها في هولندا التي أصبحت رمزاً لها ومصدر دخل كبير ومهم لإقتصادها حيث تصدر هولندا سنوياً بليوني بصلة لهذه الزهرة الرائعة .

قصة التوليب في كندا تعود إلى عام 1945 قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية إذ استقبلت كندا في ذلك الوقت الملكة جوليا ملكة هولندا التي تركت بلدها إثر اندلاع الحرب العالمية الثانية , واستقبلها الكنديون في بلادهم ومنحوها مساحة من الأرض لتكون أرضاً هولندية حتى تستطيع أن تنجب ولي العهد في أرض هولندية كما ساهموا في تحرير هولندا. وعرفاناً منها بجميلهم أرسلت لهم الملكة مائة ألف زهرة من زهور التوليب ليزرعوها في بلادهم وتحولت بالتالي إلى رمز عالمي للصداقة بين الشعوب
بينما توحي التوليب بالأناقة و البراءة ،إلا أنها كانت في يوماً ما مصدر ذعر للآلاف .. فإسمها أصبح مرتبطاً بمصطلح الفقاعات الاقتصادية ( وهو تعبير يستخدم لوصف حالة تحدث عندما تتسبب المضاربة على سلعة ما إلى تزايد سعرها بطريقة تؤدي لتزايد المضاربة عليها وعندها يصل سعر هذه السلعة لمستويات خيالية )
بدأت القصة عندما استطاع ( تشارلز دي لو كلوس ) من تحسين نوعية خاصة من التوليب قادرة على تحمل صعوبة المناخ في المناطق المنخفضة ( هولندا تعني الأرض المنخفضة ) اعتماداً على أبصال أرسلها إليه من تركيا ( أوجير دي بوسبيق ) سرعان ما تحولت هذه الزهرة إلى موضوع تفاخر ورمز للرفعة لدرجة أن بعض أدميرالات البحرية الهولندية أطلقوا اسمائهم على بعض الأصناف منها .. و أكثرها روعة كان تلك الأبصال المصابة بفيروس خاص يضفي عليها ألوان تبدو كألسنة اللهب المشتعل .
لو رغبت في عام 1635 بشراء نوع محدد من أبصال التوليب أو بالأحرى بصلة واحدة منها، فذلك سيكلفك نحو ألف فلورينة، ولتقدر ذلك يكفي أن تعرف أن متوسط الدخل السنوي للفرد آنذاك كان يعادل 150 فلورينة. ولشدة رواج التوليب والرغبة بإقتنائه ، أصبح بالامكان مقايضته بالمواشي و الأراضي وحتى البيوت . وكان المتداول الجيد يحقق أرباحاً تصل إلى 60 ألف فلورينة في الشهر الواحد.

في عام 1637 لم يعد متداولو البصل يحصلون على عروض شراء أعلى مقابل البصل، وبدأوا البيع. لقد انفجرت الفقاعة. وأخذ الشك يراود الناس بأن الطلب على بصل التوليب سيختفي، وهذا ولد ذعراً عارماً. أصحاب العقود الآجلة باتوا يحملون عقوداً لا يساوي سعرها الحالي عشر ما نصت عليه العقود، وكثيرون آخرون ما لبثوا أن وجدوا أنفسهم يحملون أبصالاً لا تساوي قيمتها جزءاً صغيراً من السعر الذي دفعوه للحصول عليها. وحسب ما زعم فإن آلاف الهولنديين، بمن فيهم رجال الأعمال وأصحاب المناصب، انهاروا مالياً.
واخيراً والجدير بالذكر
أن الفقاعة لم تقتصر على هولندا وحدها ، بل استمرت في بعض مناطق أوربا و حتى وصلت إلى انكلترا حيث كان من الشائع جداً أن يشتري الفرد بصلة توليب واحدة بمبلغ يكفي عاملاً وعائلته حاجتهم من الطعام والشراب والملبس طوال 6 أشهر.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق