الخميس، 6 يونيو 2013

الراهب الاسود

                                                     الراهب الاسود  
               الذي اتخذ من المجون طريقا للتوبة

                                     Ù†ØªÙŠØ¬Ø© بحث الصور عن الراهب الاسود

شخصية مريبة غريبة الأطوار شغلت الأهتمام بعد موتها مثلما كانت بالغة الشهرة في حياتها , رجل أعطى العالم نموذجاً فريداً لم يعهد التاريخ مثله عن الرهبنة , عرف عنه فجوره ودوره المؤثر والغير عادي على المحيطين حوله وعلى مجتمع القياصرة الروسية هو (غريغوري يغموفيتش راسبوتين ) ذلك الراهب الروسي الذي عاش في الفترة ما بين 1869 و 1916  وتمكن بدهائه وألاعيبه الماكرة من السيطرة على الأسرة المالكة حتى تمت تصفيته في مؤامرة دموية .




                                                    طفولته

وقعت سلسلة من المصائب خلال صباه كان من نتيجتها القضاء على معظم أفراد أسرته في ظروف غامضة , خاصة مصرع أخيه غرقاً والذي بدا وكأن راسبوتين ضالعاً فيه , نزلت البلايا بعائلته ولم يبلغ بعد الثانية عشر من عمره فتوفيت والدته وأكلت النيران معظم منزله , تلا ذلك بوقت قصير سقوط شقيقته في النهر عندما كانت تغسل الثياب وغرقت هي الأخرى ولم يبق في المزرعة إلا راسبوتين وأباه . لما بلغ راسبوتين الثلاثين من عمره كان زوجاً وأباً لأربعة أطفال حيث تزوج في سن التاسعة عشر , ولكن إتهامه بسرقة حصان والضرب المبرح الذي تعرض له بسبب هذا الإتهام كان نقطة تحول في حياته فقد هرب على أثر ذلك من القرية ولجأ إلى أحد الأديرة حيث أتخذ صفة الرهبنة التي لازمته طيلة حياته .
                    رحلاته وأنضمامه لطائفة خليستي
 بدأ راسبوتين سلسلة من الرحلات سيرا على الأقدام سافر فيها إلى اليونان وسوريا والأردن وفلسطين , زار فيها معظم البقاع المسيحية المقدسة والأديرة الشهيرة في تلك البلاد وساعدته رحلاته على كسب أصدقاء وأنصار ذوي نفوذ  كما أنضم راسبوتين لطائفة متطرفة تعرف بأسم ( خليستي ) وكانت طقوس تلك الطائفة ترتكز على الرقص وشرب الخمور والقيام بممارسة الجنس الجماعي وكان الهدف منها هو التأكد من الإنغماس الكامل في معاصي الجسد لكي يتطهر منها فيما بعد وينال التوبة على ما اقترفه من خلال إمتناعه عن الإتيان بها مرة ثانية . وفي جميع هذه الإجتماعات كان نجم راسبوتين يلمع إلى درجة يغدو معه بمثابة قائد هذه الجماعات ونموذجها الروحي 


                                دخوله المجتمع الأرستقراطي
ذاع صيت راسبوتين خلال جولاته المستمرة فأستقطب إعجاب الأرستقراطين وبعض رجال الدين , في عام 1903 وصل راسبوتين إلى سان بطرسبرغ فنظر مجتمعها الراقي لراسبوتين باعتباره مرشداً روحياً ورجلاً مقدساً , وساهم في ذلك أن الطبقة الأرستقراطية في ذلك الوقت كانت مولعة بمسائل السحر والتنجيم وكانت عمليات تحضير الأرواح أمراًمألوفاً في حفلاتها فكان راسبوتين يدعى مراراً لأحتفالات ومناسبات معظمها نساء وقعن تحت تأثير وفتنة وإغراء راسبوتين .
                                         
                                      علاقته بالقيصر وزوجته
 كان القيصر الروسي وزوجته الكساندرا من الذين يؤمنون بالمشعوذين والعرافين ومدعي تحضير الأرواح وقد رزقا بأربع بنات وصبي واحد اسمه أليكس وهو ولي العهد , كان أليكس مصابا بمرض نادر وخطير آنذاك هو مرض الناعور ( الهيموفيليا ) بمعنى أن أي نزيف دموي ناتج عن جرح بسيط لن يتخثر وسيبقى الدم يخرج بصفة مستمرة مما يودي بحياة الشخص , وقد سبب هذا المرض شرخاً نفسياً عميقاً في نفس القيصر وزوجته فسخرا جيشاً من الأطباء للسهر على ولي العهد الذي كانت تحيطه الرقابة دائماً خشية أن يتعرض لجرح مميت و وتعهد راسبوتين للقيصر وزوجته بإنقاذ حياة ابنهما ووريث عرشهما . 

وبنجاحه المعهود مع النساء ترك راسبوتين أثراً عميقاً في نفس الأمبراطورة ألكسندرا زوجة القيصر التي اقتنعت بقدراته حين استطاع أن يخفف النزيف الذي أصاب ولي العهد , ويقال أن راسبوتين تمكن من وقف النزيف باستخدام التنويم المغناطيسي لإبطاء النبض ومن ثم تقليل القوة التي تدفع الدم إلى الدوران في جسده , فمن المعروف اليوم أن التنويم المغناطيسي يؤثر على سرعة جريان الدم نحو القلب ويساهم في عودة الجسد للعمل بشكله الطبيعي .
                            
وثبت عن راسبوتين قدرته الهائلة على التنويم المغناطيسي ( الإيحائي ) وكانت له في هذا المجال جولات كثيرة ناجحة , حيث عرف عنه تفرده بالقدرة على التنويم باستخدام صوته فقط , بل إنه كثيراً ما مارس التنويم بالصوت من خلال الهاتف والدليل على ذلك أن عدداً كبيراً من الناس الذين تأثروا به حدث لهم ذلك نتيجة التأثر بصوته رغم أن أبصارهم لم تلتق به , وكان من أغرب الأشياء التي حدثت أنه تمكن من إيقاف نزيف مميت لولي عهد القيصر الروسي من على بعد مئات الأميال عبر مكالمة هاتفية قام خلالها بتنويمه مغناطيسياً .

 ولم يمض وقت طويل حتى أصبح راسبوتين مستشار الامبراطورة الشخصي وسمح له من القيصر بدخول مخدع كبار الدوقات الأربعة  . 
كما أن أحد أسباب شهرة راسبوتين الكاسحة كانت ترجع إلى فصاحة وطلاقة لسانه وقدرته الهائلة على الأقناع . وكانت لدى راسبوتين قدرة خارفة على إغواء النساء وخصوصاً المتزوجات منهن , وقد عزا كثيراً من المؤرخين قدرته على إكتساب هذه المكانة  في البلاط القيصري إلى مساعدة عشيقاته من زوجات كبار رجال الدولة . الأمر الذي يفسر لجوء الأمراء الذين اغتالوه إلى استدراجه لمخدع أحدهم كطعم يعلمون أنه لن يصمد أمامه

                                           
                                                                  نهايته  
                     تم قتل راسبوتين في أحداث دموية غريبة 
في ليلة 16ديسمبر 1916 م دعا الأمير الروسي ( فيليكس يوسويوف )راسبوتين إلى قصره بحجة أن زوجته الأميرة ( إيرينا ) تريد مقابلته , وعندما وصل راسبوتين إلى القصر برفقة الأمير فيليكس و قدم له الأمير كعكاً وخمراً دس بهما سم مميت ولكن راسبوتين لم يبد عليه التأثر بالسم وظل يتحدث ويأكل ويشرب مما أثار الرعب في قلب الامير فيليكس فأخرج مسدسه وأطلق النار على راسبوتين الذي ترنح خارجاً إلى ساحة  القصر حيث كان بقية المشاركين بالمؤامرة ( الدوق ديمتري بافلوفيتش و عضو البرلمان فلاديمير بورسكافيتش ) فاطلق فلاديمير النار على راسبوتين وضرباه بهراوة وقيداه قبل أن يحملاه بالسيارة ويلقيا  بجسده في نهر نيفا المتجمد  وعندما تم العثور على الجثة بعد 36 ساعة دل تشريحها على أن راسبوتين كان ما زال حياً عندما ألقى به في النهر 


وقد فسر العلماء عدم تأثر راسبوتين بالسم إلى إصابته بنقصان الحمض المعوي الذي يتفاعل مع السموم وذلك بسبب إدمانه للخمر مما أبطل مفعول السم كما انتشرت الإشاعات بأن راسبوتين كان يتعاطى كميات ضئيلة من السم يومياً ليحمي نفسه في حالة أن حاول أحد قتله بالسم ..
وتم الإحتفال شعبياً بنبأ موت راسبوتين ونظر السياسيون إلى القتلة على أنهم أبطال أنقذوا روسيا من نفوذ ألكساندرا والراهب الداعر راسبوتين ولكن القيصر نيقولا قرر نفي قتلة راسبوتين ومن الغريب أن هذه العقوبة أنقذتهم في النهاية من السجن أو الأغتيال بأيدي الثوار البلشفيين 
هناك تحقيقات حديثة تشير إلى دور رئيسي للاستخبارات البريطانية في قتل راسبوتين بسبب صلاته المزعومة بالجانب الألماني مع الامبراطورة , ولا ننسى أن وقت الجريمة كان في خضم الحرب العالمية الأولى عندما كانت روسيا وانكلترا تحاربان المانيا والدولة العثمانية , وصار راسبوتين بميوله الألمانية يشكل خطراً على المصالح البريطانية بعد أن لاحظوا تأثيره الكبير على القيصر وزوجته , ودوره الكبير في أتخاذ القرارات الروسية , وبدأ يخطط لتسحب روسيا قواتها من الحرب بحجة الحفاظ على دماء الروسيين الأبرياء .

كما أن هناك تحقيقات تشير إلى وجود قاتل مأجور بريطاني مشارك في عملية الإغتيال وقد أطلق الرصاص على راسبوتين .
           
وخلال ثورة فبراير 1917 م قامت الجماهير البلشفية بإخراج جثة راسبوتين وحرقها , وهكذا انتهى الراهب الفاسق , وصار ذكرى لرجل رحل ولم يبق له جسد ولا قبر بل سيرة غريبة ....



 






هناك تعليق واحد:

  1. لما كل هذا التاخير في النشر عسي ان يكون المانع خيرا .. ننتظر المزيد .. ننتظر كل يوم جديد في مدونتك الراـعه ... تحياتي

    ردحذف